الله واهب النصرة
يرى البعض أن هذا السفر يروي الأحداث التي دارت بعد هزيمة سنحاريب ملك أشور في أيام حزقيا ملك يهوذا (2 مل 19: 35-37؛ 2 أي 32) حيث عاد منهزمًا إلى نينوى فقتله ابناه، وخلفه في الحكم ابنه أسرحدون الذي غار على بلاد كثيرة منها بلاد مادي انتقامًا من أرفكشاد ملكهم الذي كان اليهود يحبونه. السبي الذي أشير إليه في هذا السفر هو ما حدث في أيام منسى (2 أي 11:33).بعث ملك أشور بجيش قوي ضد أرفكشاد ملك مادي ليخضعه ويذل جميع حلفائه الذين من بينهم اليهود. قام بهذا العمل قائد جيوشه أليفانا أو هولوفرنيس Holofernes، وضرب الحصار أمام الحصن اليهودي بيت فلوي (بيتولي أو بتولية). وقد أوشك أن يقتحمها، لكن المحاصرين نجوا بفضل البطلة تقية يهوديت.يقدم لنا هذا السفر صورة إيمانية حيّة لأرملة غنية وجميلة تقتحم بالإيمان معسكر الأعداء وتلتقي بالقائد أليفانا ، واثقة في عمل الله الحيّ في وسط شعبه. استطاعت يهوديت كإستير أن تنقذ شعبها خلال شجاعتها التي ارتبطت بحياتها التقوية وطاعتها للوصية (6:8؛ 2:12).مقدمة في سفر يهوديتمن هي يهوديت؟"يهوديت" اسم عبري مؤنث معناه "يهودية".سيدة ذات صفات يندر أن تجتمع معًا في شخصية واحدة. فقد تحلت بالفضائل الروحية والمقومات الهامة للشخصية الروحية الوطنية، جمعت بين الحكمة واللياقة، وبين الغنى والنسك، وبين الشجاعة والتواضع، وبين الجمال الجسدي والجمال الروحي (العفة)[1].كاتب السفرواضح أن كاتب السفر يجمع بين اهتمامه بحفظ الناموس بكل دقة مع روح الوطنية القومية.
يرى القديس جيروم أن الكاتب هو يهوديت نفسها التي سجلت الأحداث وقدمتها هدية مع ما أوقفته على الهيكل كهدايا تذكارية من متاع القائد أليفانا.2. يرى البعض أنه بحسب التقليد ألياقيم أو يواقيم رئيس الكهنة هو الذي سجل الأحداث[2]، لذا جاء السفر يركز على الصلاة والتسبيح، مخلص للغاية للناموس الموسوي، كما قدم السفر تفاصيل يصعب أن يسجلها آخر إلا رجل دين معاصر للأحداث. هذا وأن ما رواه عما حدث بين أحيور وأليفانا لا يمكن تسجيله إلا بواسطة رئيس الكهنة الذي التقى به وتحدث معه. وأيضًا ما رواه عما حدث بين يهوديت وأليفانا.3. يرى آخرون أن يهوديت سجلت الأحداث ثم قام آخر بإعادة كتابة السفر. على أي الأوضاع فإن الكاتب يتسم بالآتي:أ. معاصر للأحداث أو في عصرٍ قريبٍ جدًا منها، نظرًا لما ورد في السفر من تفاصيل لن يقدر أن يسجلها أحد سوى شاهد عيان أو من سمعها منه مباشرة. ب. يدرك الكاتب دقائق الناموس، له معرفة قوية بالعهد القديم خاصة المزامير، وله دراية حية بالعمل التعبدي الروحي وأيضًا السياسي.ج. أسلوبه العبري رائع، يكاد يبلغ إلى مستوى الشعر. أسلوبه الروائي يحمل حيوية فائقة، يتسم بالواقعية دون تضخيم.
د. للكاتب موهبة التعليم.تاريخ الكتابةإن كان السفر قد كُتب في وقت معاصر للأحداث أو بعدها بقليل، فمتى جرت الأحداث؟1. يرى البعض أنها في فترة ملك سنحاريب الأشوري حيث قام بحملة تأديبية بعد هزيمته الشهيرة في فجر القرن السابع ق. م. منتقمًا من أرفكشاد صديق اليهود ثم متجهًا نحو اليهودية جنوبًا.2. يرى آخرون أنها تمت في أيام منسى الملك وهو أسير في بلاد ما بين النهرين (المصيصة) حيث لم يكن يوجد ملك في البلاد.ويرى البعض أن هذه الأحداث تمت في أيام حزقيا الملك، أما عن سرّ غيابه في السفر وظهور رئيس الكهنة كمخطط للأمور فهو كبرياء حزقيا، إذ كان عدوه سنحاريب يتطلع إليه "حزقيا القوي المتكبر[3]". يقول Boutflower أن حزقيا لم يلتقِ برسل أشور شخصيًا (2 أي 32:31)، لأن سنحاريب لم يأتٍ إليه، وكما أرسل إليه ثلاثة رسل مندوبين عنه هكذا أرسل إليهم حزقيا رئيس الكهنة والكاتب والمسجل. وربما كان حزقيا مريضًا كما جاء في 2أي 32: 24، فلم يستطع الخروج إليه شخصيًا.ولعله بسبب مرض حزقيا كان منسَّى ابنه شريكًا معه في الحكم، لكن كان رئيس الكهنة هو الذي يقدم بمهام الملك.
3. يرى آخرون أنها تمت في القرن الرابع ق.م، في عصر أرتحتششتا الثالث وحملته الجنوبية والتي توقفت في اليهودية عند بيت فلوي. ويرفض كثيرون هذا الرأي، لأن السفر لم يشر إلى السبي البابلي
، ولا ذُكر المكابيون.مفتاح السفر"والَّذينَ يَتَّقونَكَ تَكونُ عنهُم راضِيًا" (16: 15).غايته1. الأمانة في حياتنا مع الله تهبنا سلامًا وأمانًا مهما كانت الظروف المحيطة بنا.2. يكشف السفر عن أهمية التدقيق في حفظ الوصية الإلهية. فقد حافظت يهوديت على الشريعة بتدقيق شديد (8: 6؛ 12: 2).سماته1. يتسم السفر بالسلاسة في الأسلوب.2. عالج السفر موضوع الألم، وهو الموضوع الذي يشغل بعض الأسفار الأخرى. لم يُظهر الألم هنا كتأديب أو عقاب لقمع خطايا معينة، إذ لم يرتكب الشعب عبادة الأوثان كما فعل في الماضي (8: 18-21). إنه ليس علامة غضب إلهي، بل نراه هنا دعوة إلى فضيلة أسمى وإلى بذل النفس من أجل خلاص الشعب وإنقاذ المدينة المقدسة (8: 21-24). لقد قبلته يهوديت بروح الشكر بكونه علامة على عناية الله بشعبه (8: 25)[4].3. أبرز السفر خطورة الكبرياء، فنرى نبوخذنصر يُقيم نفسه إلهاً، ويستخدم القوة لاعتراف كل الشعوب به أنه الإله الأوحد (3: .4. يرى بعض الدارسين أن هذا السفر مثل دانيال يعتبر سفر رؤيوي أخروي، يقدم لنا رؤية عن أحداث مجيء ضد المسيح. لكن وإن حمل السفر المفهوم الرمزي والرؤيوي الأخروي إلا أنه سفر تاريخي يُسجل أحداثًا تاريخية حقيقية. يرى Scholz أن هجمات هولوفرنيس تمثل هجمات ضد المسيح على كنيسة الله في كل الأمم، ومدينة بيت فلوي ويهوديت تمثلان إسرائيل والكنيسة[5].لقد حملت تسبحة يهوديت لمسات رؤيوية أخروية (16: 15، 17).5. يرى كثير من الدارسين أن السفر لا يهدف إلى عرض تاريخي لحدث ما قدر ما يبرز الفكر اللاهوتي مع التركيز على الاهتمام بالطقوس الناموسية[6].لقد كتب لتأكد أهمية المثابرة على الصلاة وحفظ الناموس، فيها غلبت امرأة أقوى الجيوش[7].غاية الكاتب لا أن يستعرض قصة ما، بل أن يكرز[8]. يهدف السفر إلى تأكيد أن الله لن يتخلى عن شعبه ماداموا أمناء له، وأنه يليق بالمؤمنين أن يتحفظوا بل ويقاوموا العادات الشريرة والرجاسات التي تدنس المقدس؛ كما يقدم يهوديت كمثلٍ لبطلة تحب الله وتثق فيه[9].6. لعل من أروع ما اتسم به السفر هو عدم الفصل بين الحياة الشخصية والحياة الجماعية، فمن جانب يصور لنا السفر حياة يهوديت التقوية الشخصية سواء خلال صلواتها الخاصة أو نسكها الشخصي أو تواضعها في مواقف كثيرة، وحياة الجماعة حيث نسمع صرخات الشعب معًا، وصلواتهم وتذللهم بروح جماعي. حتى في الطلبة لله امتزج الدافع الشخصي مع الجماعي، فكانت كل أسرة تخشى أن تُغتصب نساؤها وأن يؤسر أطفالها وفي نفس الوقت يخشى الهلاك من دمار المدن خاصة أورشليم مدينة الله، وأن يُدنس هيكل الرب بالعبادة الوثنية والرجاسات.7. إن كان الشعب قد تذمر بسبب تجربة الشرب والطعام
، حيث عسكر جيش أشور حول المياه في الوادي لمنع الشعب منه مصدر الشرب وأيضًا الطعام، فقد سمح الله ليهوديت أن تحمل رأس أليفانا في حقيبة وصيفتها التي كانت تضع فيها الطعام. وكأن الله يُقدم للشعب طعامًا خلال رأس أليفانا المقطوعة.8. يُحسب البعض سفر يهوديت سفر الصلاة؛ ففي كل موقف عاشته يهوديت كانت ترتفع قلبها لله بالصلاة، وقد سجل لنا السفر بعض صلواتها وتسابيحها. وهو في هذا يكشف عن سرّ النصرة؛ هنا يهوديت تشبه إستير (وردت صلواتها في تتمة دانيال)، وسارة زوجة طوبيت، ووالدة الشهداء في مكابين 2، وسوسنة العفيفة الخ.لغة السفركُتب باللغة العبرية، لكن الأصل العبري فُقد، وكل النسخ الباقية ترجع في أصولها عن طريق اللغة اليونانية إلى النسخة العبرية الأصلية. حاليًا يوجد تصان بالعبرية، واحد مطول يتفق مع النص اليوناني والآخر مختصر.يوجد هذا السفر باليونانية واللاتينية، الأولى تحوي على الأقل 84 آية أكثر من الأخيرة[10].يقول القديس جيروم[11] أنه قام بترجمة السفر عن الكلدانية في ليلةٍ واحدة، ليقدم المعنى ولم يلتزم بالكلمات. كما قال إنه عبّر باللاتينية فقط بما استطاع أن يفهمه من الكلدانية.
كثيرًا ما ذكر القديس جيروم أنه قدم ترجمة مختصرة للسفر حاسبًا ان النص السبعيني اليوناني والنص العبري المطوّل يمثلان الأصل.
جاءنا النص اليوناني في المخطوطات السبعينية الثلاثة: الفاتيكانية، والإسكندرانية، الباسيليونو فاتيكانية Basiliano-Vaticanus. أما السينائية فقد امتدت إليها مؤخرًا اليد وحذفت بعض الكلمات والعبارات وأحيانًا فقرات.يقول دميان ماكي إنه يقبل الرأي التقليدي بأن النص الأصلي قد وضع حوالي عام 700 ق.م. وللأسف ليس لدينا النص الأصلي حاليًا، الذي يصرّ النقاد المعاصرون أنه كُتب باللغة العبرية، وأن شارلس يدعوه "سفر أو درج يهوديت[12]". وجاء في دائرة المعارف اليهودية أيضًا أن لابد أن يكون الأصل عبريًا[13].لقد جاء السفر يحمل تعبيرات عبرية أصيلة مثل: "مدة ثلاثين يومًا" (يهو 15: 11)، "كل جسد" (تك 6: 13)؛ "وجه الأرض" (عا 5: ، "يضرب يحد السيف" (مز 89: 43) الخ.يصرّ شارلس على ذلك فيقول: [الترجمة (اليونانية) حرفية جدًا حتى أنه يمكن إرجاع الأصل العبري بسهولة وفي حالات كثيرة تصير أكثر قبولاً عندما يُعاد ترجمتها[14].]جاء في دائرة المعارف الكاثوليكية أن الاختلافات في النص الحالي تشير إلى وجود أصل قديم للغاية: [بالنسبة إلى حالة النص يلزم ملاحظة أن الاختلافات غير العادية بين النصوص المختلفة هي في حد ذاتها دليل على أن النصوص مأخوذة عن نسخة قديمة سابقة لمدة طويلة عن المترجمين[15].]كان لشخصية يهوديت اعتبارها الخاص لدى اليهود، فوُجد سفر خاص بها، وإن كانوا لم يحسبوه سفرًا قانونيًا، لكنهم ضموه كتكملة للأسفار التاريخية ولسفر إشعياء النبي.لماذا رفض اليهود سفر يهوديت؟[16]بالرغم من أن سفر يهوديت في شكله السامي Semitic يضم كل ما يخص اليهودية الفلسطينية، مثل الحديث عن الله، والصلاة، والأطعمة المحللة، والذبيحة، والهيكل، وأورشليم، الأمر التي لم ترد هكذا في سفر إستير، لكنه لم يرد من بين قائمة الأسفار القانونية في فلسطين إذ في قمران، ولعل استبعادهم للسفر علته الأسباب التالية:1. الأسينيون Essenes الذين عاشوا في تجمعات نسكية مثل جماعة قمران Qumran، رفضوا السفر من أجل العناصر الفريسية الواردة فيه.2. رفض الربيون Rabbis وهم الذين كانوا مسئولين عن تقنين الأسفار في المراحل الأخيرة، رفضوا السفر من أجل اتجاهه الجامعي مثل قبوله الحديث عن مدن السامرة، وأيضًا ضم العمونيين (مثل أحيور) إلى الإيمان اليهودي.3. يرى Craven أن الربيون Rabbis الذين قاموا بتقنين الأسفار تطلعوا إلى يهوديت كشخصية متطرفة راديكالية radical. فقد رأى بعض الحكماء اليهود القدامى في شخصيتها خطورة على المجتمع اليهودي. فمع أمانتها للناموس بحرفية لكنها لم تكن مدققة في طرق سلوكها حسب التقليد اليهودي. فإنها لم تخشى سوى يهوه وحده؛ إذ قامت بتوبيخ قادة المدينة، كما قامت بالتخطيط والتنفيذ دون أن تبوح بما في قلبها وفكرها حتى لقادة بلدها الخ... يتساءل البعض: ماذا يكون حال المجتمع اليهودي لو اقتدت النساء جميعهن بيهوديت؟ماذا يكون الحال إن صار من حق النساء توبيخ قادة المجتمعات؟وإن كانت لهن الجرأة للتخطيط والتنفيذ في أمور تتعلق بالبلد كلها في سرية دون إباحة ما في أفكارهن للقادة؟
ماذا لو رفضت النساء الزواج مثل يهوديت؟وماذا لو صارت للنساء ملكيتهن من أموال وعبيد وجواري؟ماذا لو استأجرت النساء وصيفات يدبرن أموالهن مثلما فعلت يهوديت؟هكذا تخيل الحكماء القدامي أن كل نساء المجتمع سيتمثلن بيهوديت ويحملن ذات مواهبها وقدراتها.4. يرى H. M. Orlinsky ان الربيين رفضوا السفر لأنه يتعارض مع الحلقة[17] Halakh التي لهم حيث تطالب الأممي الذي يتهود أولاً أن يختتن ثم ينال العماد[18] لكي يصير يهوديًا.5. يرى البعض أن السفر كان مرتبطًا بعيد الحانوكة Hanuhkah، وإذ لم يعد العيد مقبولاً بعد أسرة الحشمونيين Hasmonean أو المكابيين، صار السفر لدى البعض ليس بذي قيمة.لم يقبل اليهود هذا السفر لأنه لم يوجد في عصر عزرا الكاتب الذي جمع أسفار العهد القديم، كما لم يورده يوسيفوس المؤرخ في قائمة الأسفار التي ذكرها. غير أننا لا ننسى أن بعض الأسفار القديمة لم يعثر عليها عزرا عندما جمع الأسفار المقدسة. هذا مع ملاحظة أن اليهود كانوا ينظرون إلى الكتبة في فترة ما بعد عزرا.اعتاد اليهود قراءة بعض الأسفار في أعيادهم، مثل:1. عيد الحانوكا (التجديد): سفر يهوديت.2. عيد الفصح: سفر نشيد الأناشيد.3. عيد الحصاد أو الأسابيع: سفر راعوث.4. عيد المظال: سفر الجامعة.5. عيد الفوريم: سفر إستير.6. ذكرى خراب الهيكل: مراثي إرميا.قانونية السفرترجمت النسخة السامية لسفر يهوديت إلى اليونانية لأجل نفع اليهود الذين لم يعرفوا العبرية. لذلك وُجد هذا العمل في أقدم النسخ للترجمة السبعينية، وقد اقتبس منه القديس إكليمنضس الروماني صديق القديس بولس[19]. لكنه لم يُعرف في العبرية، ولا أشار إليه المؤرخ يوسيفوس. جاء في مقدمة هذا العمل للقديس چيروم إن هذا السفر يُقرأ بين Hagiographa لدى اليهود باللغة الكلدانية. كما عرف هذا العمل أوريجينوس في الكتاب المقدس باليونانية[20].لم يدرج الربّانيون اليهود سفر يهوديت في المجموعة الرسمية للأسفار المقدسة. هذا أدى إلى شيء من التردد في الكنيسة الأولى، غير أن استخدام هذا السفر كان شائعًا عند آباء الكنيسة والكتَّاب المسيحيين حتى بين الذين لم يحسبوه ضمن الأسفار القانونية.في الشرق رأى الآباء قانونية السفر، منهم القديس إكليمنضس السكندري، وكاتب العمل Timothei et Aquilae Diaclectica ، وجونيلوس Junilius (حولي 542م)، وعبد يسوع (عبد جيسي) Ebdjesu.وفي الغرب قبله الآباء هيلاري أسقف بواتيه وأغسطينوس وأيوسنت الأول (401-417) والمدعو جلسيوس Pseudo-Gelasius وكاسيودورس Cassiodorus (حوالي 485- حوالي 585) واسيذورس من ميليتس Isidorus of Miletus (560-636)، وورد في قوائم Codex Claromonyanus and Libre saeramentasun في القرن السادس / السابع م).جاء في مقدمة سفر يهوديت التي كتبها القديس جيروم إن السفر لم يوجد في الكتاب المقدس العبري، وأن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر، واعتبره واحدًا من الأسفار المُوحى بها.لا يظهر في مستندات مجمع نيقية وقوانينه إعلان عن قبول سفر يهوديت بين الأسفار القانونية. ربما يشير القديس چيروم إلى استخدام المجمع بعض عبارات من السفر أثناء المناقشات بكونها عبارات كتابية. ولعله توجد قوانين فرعية أو قوانين منسوبة للمجمع تشير إلى قانونية السفر.كما أن مجمع قرطاجنة في قانونه السابع والعشرون اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة[21]. هذا وقد جاء ضمن قائمة الأسفار القانونية التي وضعها اينوقنتيوس أسقف روما سنة 405م، وأيضًا في مجمع فلورنسا عام 1142م، وترينت عام 1546م.من المؤكد أن الآباء في العصور الأولى كانوا يحسبونه سفرًا قانونيًا. فالقديس بولس اقتبس من النص اليوناني للسفر ما ورد في ١كو٢: ١٠ (يهو ٨: ١٤)؛ وأيضًا ١ كو١٠: ١٠ (يهو ٨: ٢٥). اقتبست الكنيسة الأولى عبارات من السفر بكونه سفرًا قانونيًا كما جاء في رسالة القديس إكليمنضس الروماني الأولى (ف ٥٥) والقديس إكليمنضس السكندري والعلامة أوريجينوس والعلامة ترتليان.قصة يهوديت حقيقة تاريخية:وكما يقول Leahy[22]:
1. حسب التقليد اليهودي والمسيحي ومفسري الكتاب المقدس إلى القرن السادس عشر يتطلعون إلى السفر كسفرٍ تاريخي.
2. التفاصيل التاريخية والجغرافية والخاصة بالأحداث والأنساب تشير إلى أن القصة تمثل واقعًا تاريخيًا.3. يتحدث الكاتب عن نسل أحور بكونهم أحياء في عهده (14: 6)، وأن الاحتفال السنوي لازال في أيامه قائمًا حيث يمجدون نصرة يهوديت (16: 31)[23].4. يقول Carey A. Moore: [مكيدة يهوديت بسيطة وصريحة بما فيه الكفاية مما يجعل القصة حقيقية واقعية أكثر منها خيال[24].]5. هذا وقد قبل بعض الدارسين هذه القصة بكونها واقعية لأنها لا تحمل معجزات خارقة. وكتب Carey Moore: [دمار هولوفرنيس تحقق خلال مجهودات بشرية أكثر منها تدخل إلهي معجزي... ولتأكد ذلك فإن يهوديت وشعبها دعوا الله بالصلاة والصوم (4: 1، 11: 13)، ومع هذا فقد تحققت النصرة بشجاعةٍ قاتلةٍ ومكرٍ. وبينما كل إسرائيل – ومن بينهم يهوديت، حسبوا الفضل الأول هو لله، وباتفاق جماعي حسبوا يهوديت كوسيلة لتحقيق ذلك (13: 15، 18، 20؛ 16: 5)[25].]المجامع التي أقرت قانونية السفر1. مجمع نيقية سنة 325م.2. مجمع هيبو 393م.3. مجمع قرطاجنة الأول سنة 397م.4. مجمع قرطاجنة الثاني سنة 419م.
مجامع الكنائس الخلقيدونية1. مجمع فلورنسا سنة 3124م.
St-Takla.org Image: The Council of Trent in Santa Maria Maggiore church; Museo Diocesiano Tridentino, Trento صورة في موقع الأنبا تكلا: مجمع ترنت في كنيسة سانتا ماريا ماجيور، موجودة في متحف ديوسيانو تريدنتينو، ترينتو |
2. مجمع ترنت سنة 1546م.3. مجمع القسطنطينية سنة 1642م.4. مجمع الفاتيكان الأول سنة 1870.5. مجمع أورشليم (الكنيسة اليونانية) سنة 1672م.سفر يهوديت والعهد الجديدواضح أن كتَّاب العهد الجديد قد عرفوا هذا السفر، وإن كانوا غالبًا لم يقتبسوا منه عبارات حرفية:أ. "فأما الذين لم يقبلوا البلاد بخشية الرب، بل أبدوا جزعهم، وعاد تذمرهم على الرب، فاستأصلهم وهلكوا بالحيات (8: 24-25). وقد ورد في (1 كو 10: 9): "ولا نجرب المسيح كما جرب أيضًا أناس منهم فاهلكتهم الحيات".ب. "مباركة أنتِ في النساء" (13: 23؛ لو 1: 42).
راجع يهو 1: 11 مع لو 20: 11؛ يهو 8: 6 مع لو 2: 27؛ يهو 8: 14 مع 1 كو 2: 11؛ يهو 8: 25 مع يع 1: 2؛ يهو 13: 18 مع لو 1: 42؛ يهو 13: 19 مع مت 26: 13.الصلاة في سفر يهوديتيركز السفر على الصلاة كسبيل ووسيلة للخلاص من ضيقاتنا، حيث نلقي بمتاعبنا عند قدمي الله، وتنسكب نفوسنا أمامه.* صراخ رجال إسرائيل الحار (4: 9، 15).* سجود الشعب لله والصراخ إليه (6: 18-19).* عندما خارت عزيمة بني إسرائيل صرخوا إلى الله (7: 29).* صلوات يهوديت (9: 1؛ 12: 8؛ 13: 10).التسبيح في سفر يهوديتدعوة يهوديت الشعب للتسبيح (8: 25-27).تسبيحها في الصلاة (9: 1 الخ).عزيا يبارك يهوديت (13: 18-20).الشعب يشكر الله ويباركون يهوديت (15: 9، 10).نشيد الخلاص (16: 1-17).العفة في سفر يهوديتيُعتبر سفر يهوديت مقالاً رائعًا عمليًا عن حياة العفة، وامكانياتها في حياة المؤمنين، فسرّ قوة يهوديت التصاقها بالله القدوس وشركتها خلال حياة العفة والطهارة.اعتراضات على السفر1. يظهر نبوخذنصر هنا كأنه ملك نينوى، وهي مدينة فتحها ودمَّرها عام 612 ق.م. جيش نبوبلصر والد نبوخذنصر الذي تحالف مع جيش مادي. أما نبوخذنصر فعاصمة مملكته بابل، وهو المنتصر على أورشليم ومدمرها، بينما نراه في هذا السفر يرسل جيشه في حملة تنتهي بالهزيمة. هذا ومن جانب آخر فإن أليفانا قائد الجيش وبوغا خصيُّه، فيحملان اسمين فارسيين، وردا في نصوص غير كتابية تروي حملة لأرتحششتا الثالث (359-338 ق.م).يذكر دميان ماكي Damien Mackey[26] محاولة البعض للتعرف على ما يقصده السفر من شخصية نبوخذنصر هنا، فيورد الافتراضات التالية:1. أشوربانيبال Ashurbanibal (حوالي عام ٦٢٠ ق.م.) حفيد سنحاريب Sennacherib. يعتمد القائلين بهذا الرأي على وجود نوع من التشابه خاصة بخصوص حرب أشوربانيبال مع فرارتس Phraotes, Phrarts الميدياني، وإذ قبض الآشوريون على منسى ملك يهوذا أخذوه إلى بابل وتركوا أورشليم بلا ملك. هذا يطابق ما ورد في السفر حيث لا يشار إلى ملك في يهوذا في كل قصة يهوديت. غير أن هذا الرأي يجد اعتراضا فإن أشوربانيبال لم يعان قط من أي تقهقر أمام اليهود. هذا وقد ورد في القصة أن يهوديت عاشت حتى بلغت ١٠٥ سنة ولم يعان اليهود من متاعب أيام يهوديت وبعدها أيضًا لمدة طويلة (يهو١٦: ٢٣-٢٥). هذا لا يناسب أشوربانيبال لأن يوشيا ملك يهوذا هُزم في معركة مجدو عام ٦٠٩ ق.م.يرى M. Leahy أن هذا العمل المجيد ليهوديت لا يمكن أن يكون قد حدث في أيام أشوربانيبال Ashurbanibal لأن يوشيا Josias ملك يهوذا انهزم وقُتل في معركة مجدو Megiddo عام 609 ق. م.[27]2. أرتحششتا أو أحشويرش الثالث Araxerxes III، حوالي عام ٣٠٥ ق.م. حيث غزا أحشويرش الثالث Araxerxes Ochus فلسطين في طريقه إلى مصر، وهولوفيرنيس Holofernes الرئيس الكبادوكي محاربًا مصر[28]. هولوفيرنيس وباغوس Bagoos إسمان فارسيان[29].3. مجلس شيوخ للشعب ثانٍ Second Commonwealth: يرى البعض أن عدم الإشارة إلى وجود ملك، وإنما يوجد مجلس شيوخ للشعب Gerousia في أورشليم (يهو٤: ٨) يؤكد نظرتهم بأن هذه الأحداث الخاصة بيهوديت ترجع إلى فتره Second Commonwealth عندما كانت أورشليم يحكمها مجلس وليس كاهن. غير أن الكلمة اليونانية المترجمة مجلسًا استخدمت في لا٩: ١ ب"القدامى" Zapen. فتمكن أن تعني شيوخ إسرائيل، كما يوجد مجلس لمدينة بيت فولي Bethulia أثناء الهجوم الأشوري (يهو ٦: ١٦).4. المكابيون Maccabees: يرى الفريق القائل أن هذه القصة تحققت في أيام المكابيين أن ظروف القصة تتناسب اجتماعيًا وسياسيًا مع عصر المكابيين. فنبوخذنصر هنا يشير إلى ملك يوناني أو آخر مثل انطيموس ابيفانس Antiochus Epiphanes الذي كان يكره اليهود والذي أمر جيوشه أن beleaguered أورشليم.5. فترة سنحاريب Sennacherib’s eraكل هذه الافتراضات مع ما لها من وجهة تقارب مش شخصية نبوخذنصر الواردة في سفر يهوديت غير أن لها ما يضادها أيضًا. ويرى دميان ماكي أنها تنطبق بالأكثر على فترة سنحاريب والملك حزقيا Hezekiah. في عصر أسرحدون/سنحاريب الذي حكم الآشوريين في نينوى، كان مردوخ بالادان Merdach-Baladan حاكمًا على الكلدانيين في بابل.يرد على ذلك أن حادثة سفر يهوديت سابقة لزمن نبوخذنصر الذي سبى اليهود إلى بابل. وأن المذكور في هذا السفر هو أسرحدون بن سنحاريب أو سوصدقيم أسرحدون. وقد كان اسم نبوخذنصر اسم علم لكثير من ملوك الأشوريين (عاصمتهم نينوى قبل دمارها على يد نبوبلصر)، وذلك كما أن اسم "فرعون" يلقب به ملوك مصر. فإن سنحاريب بعد أن خذلت حملته في اليهودية، إذ هلك منها في ليلة واحدة 185 ألفًا وعاد منكس الرأس إلى نينوى انقض عليه ابناه وهو ساجد في معبده الوثني وقتلاه، فخلفه أسرحدون، وأراد أن يأخذ بثأر أبيه فطارد القاتلين إلى بلاد أرمينيا، فأدركهما واستولى على هذه البلاد. وقد ساقه الطمع فاستهوته الفتوحات إلى الإغارة على بلاد الماديين. والذي بعثه على ذلك بالأكثر حب الانتقام من ملكها المدعو فرارتس Phrarts أو أرفكشاد Arphaxad الذي ظهر كمحبٍ لليهود أعداء أبيه؛ لأنه أحسن إلى كل الذين كانوا مسبيين في ولايته، وردهم إلى بلادهم بإكرام وعطايا تليق بملكٍ حليمٍ وعادلٍ. لهذا دعُوه الملك العظيم الحليم. انتصر أسرحدون أو ابنه على فرارتس وضم مملكة الماديين إلى مملكة أشور. وإذ قصد الانتقام من أعداء أبيه وهم اليهود أرسل قائده أليفانا ليخرب بلادهم ويخضعهم، فهلك بتلك الحيلة التي دبرتها يهوديت وتبدد جيشه[30].يقدم لنا Carey More أمثلة لبعض الدارسين الذين يرون أن الأسماء الواردة هنا يُقصد بها شخصيات أخرى.
الأسماء | Volkmar | Gaster | Ball |
نبوخذ نصر | تارجان | بومباي | أنطيخوس أبيفانس |
الآشوريين | السريان | روما | السريان |
نينوى | روما أو أنطاكية | Mithridates | انطاكية |
أرفكشاد | Arsaces ملك الفريتيين |
| Arsaces |
مادي | الفريتيون |
| الفريتيون |
أكباتانا | نصيبين |
| نيكانور |
هولوفيونس | Lusius Quietus | القائد الروماني Scaurus | يهوذا المكابي |
يهوديت | Judeans | الفريسي Onias | الهيليني Alcimus |
الزمن | 117م | 63 م | فترة الحشمونيين |
2. ليس في التاريخ من يُدعى من ملوك الماديين ملك أرفكشاد بنى مدينة تُدعى أحمتا، إنما الذي بناها ديوسيس Deioces كما روى هيرودوت.يرد على ذلك بأن بناء مدينة قد يُنسب لأكثر من ملكٍ، وبحسب رواية هيرودوت فإن ديوسيس Deioces هذا قد خلفه على كرسي الحكم ابنه أرفكشاد الذي يدعوه بعض المؤرخين "فرا"، ويسميه هيرودوت "فرارتس Phraortes"، ومعناه "الملك العظيم" أو "فرا العظيم"، لأن كلمة "وارتس" الفارسية معناها "العظيم"، وأُضيف على اسمه "كشاد" ومعناها "الحليم". جعل ديوسيس منها عاصمة لمادي عام 700 ق.م في المنطقة الواقعة شرق أشور، ولعل أرفكشاد قد أكمل عمل والده، فأضاف على المدينة الكثير، وجعلها من أعظم المدن فنسبها اليهود