كما أن الكلمة العبرية "يهودي" تعنى فى العربية "يهودي" أى من جنس اليهود، فإن كلمة "يهوديت" كلمة عبرية أيضاً تعنى "يهودية". وقد وردت كلمة "يهوديت" فى الكتاب المقدس قبلاً كإسم لإحدى زوجات عيسو ابن اسحق ابن ابراهيم. وقد ورد عنها أنها ابنة بيرى الحثى. ودعيت أيضا باسم "أهو ليبامة"، وقد كانت مرارة نفس لاسحق ورفقة (أنظر تك26: 34، 35 و36: 2).
أما يهوديت التى هى محور هذا السفر (سفر يهوديت)، فهى بطلة يهودية مشهود لها بالتقوى والغيرة. وقد أنقذت بمعونة الرب وبذكائها وحكمتها وشغبها من بطش اعدائه.
وكاتب هذا السفر مجهول؛ غير أن البعض ينسب كتابته إلى "يواكيم" الحبر الأعظم. وقد كتب السفر أولاً بالغة العبرية. ولكن الأصل العبرى مفقود الآن. أما نصه باللغة اليونانية، فهو وارد ضمن باقى أسفار العهد القديم فى الترجمة السبعينية للتوراة. ويتكون السفر من ستة عشر أصحاحاً.
وفى المقدمة التى جائت فى كتاب (يهوديت) والتى كتبها القديس إيرونيموس تلميذ القديس إغريغوريوس الثيئولوغوس، قال أن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر واعتبره واحداً من الأسفار الموحى بها. كما أن مجمع قرطاجنة فى قانونه السابع والعشرين اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة, هذا بالاضافة الى أن المجمعين اللذين عقد أحدهما فى مدينة القسطنطينية وأكمل فى ياش عام 1642، والذى عقد ثانيهما فى مدينة أورشليم عام 1672، قد أقر سفر يهوديت ضمن الكتب المقدسة الموحى بها قائلين عنها أنها (كتب مقدسة إلهية). كما صدر قرار بنفس هذا المعنى أيضاً من المجمع التريدنتينى اعترافاً بمجموعة الأسفار القانونية الثانية باعتبار أنها جميعاً واردة فى النسخة السبعينية التى ترجمت فيها التوراة للغة اليونانية سنة 280 قبل الميلاد (=عقد هذا المجمع فى ترينت عام 1456 م).
وقد ورد فى كتاب مشكاة الطلاب فى حل مشكلات الكتاب طبعة 1929 (صفحة 166) أن الكثير من القديسين من آباء الجيل الأول والثانى والثالث والرابع وغيرهم، استشهدوا بسفر يهوديت فى كتابتهم. ومن أمثلة هؤلاء الآباء القديسين إكليمندس الرومانى (= فى رسالتة الأولى إلى كورنثوس فصل 55) والقديس إكليمندس الإسكندرى (= فى كتابة المربى 2 ف7 و4 ف9) والقديس أوريجانوس (= فى كتابة الصلاة ف13، 29) والقديس البابا أثناسيوس الرسولى (=فى خطبته الثانية ضد أريوس2: 35) والقديس إيرونيموس والقديس أمبروسيوس وغيرهما فى كتاباتهم.
وبرغم اعتراض الكنيسة البروتستانتية على هذا السفر وغيره من أسفار مجموعة الأسفار التى جمعت بعد عزرا الكاهن، فإن بعض الكنائس البروتستانتية كالكنيسة الألمانية تقر هذا السفر وتعتبره ضمن الأسفار القانونية. وقد كتب بعض مشاهير الكتاب والمؤلفين البروتستانت تقريظات عن هذا السفر، وإن كانوا لم يخفوا رفضهم له كسفر موحى به. ومن أمثله هؤلاء:
1- القس داود حداد من القدس (=فى قاموس الكتاب المقدس - مكتبة المشعل ببيروت، طبعة 1964 ص1084) وقد قال عنة (هو سفر تعتبرة الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية من ضمن الأسفار القانونية الثانية أو التى فى المرتبة الثانية بعد الوحى المدون فى الأسفار القانونية).
2- دكتور سمعان كهلون (= فى كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين - طبعة بيروت 1937 ص305 حيث تحدث عنة بالقول (موضوع هذا السفر انتصار اليهود على هولو فرنيس = يقصد ألفانا القائد = القائد الأشورى الغازى وذلك بالاعتماد على مساعدة أرملة يهودية ذات غنى وجمال وعلى جانب عظيم من التقوى والورع اسمها يهوديت. وكاتب السفر مجهول وتاريخ كتابتة أيضا غير معروف بالتأكيد. إلا أنة يظهر من الروح التى تتمشى فية أنة كتب فى عصر المكابيين).