القاهرة - أ ش أاعتبرت المنظمة الدولية للضمان الاجتماعي أن قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد في مصر، والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ بشكل كامل عام 2012، من المتوقع أن يسهم في رفع نسب الادخار في الاقتصاد المصري من نحو 18% حاليا إلى أكثر من 25% خلال أول خمس سنوات من تطبيقه.
وقالت المنظمة، في تقرير مطول نشر في عدد خاص بدوريتها الشهرية عن التجربة المصرية في إصلاح نظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات ، إن النظام الجديد يسعى لتشييد منظومة تقوم على مبدأ التكافل الاجتماعي مع التركيز على الحد من ظاهرة التهرب التأميني، وتشجيع الادخار الفردي وتحقيق توزيع أكثر عدالة للدخل بين شرائح المجتمع المختلفة، خاصة بالنسبة للفئات الذين يضطرون إلى الانسحاب من سوق العمل لفترة من الزمن بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم مثل حالات البطالة أوالعجز.
وأشادت المنظمة في تقريرها بمنهجية الإصلاح التي اتبعتها مصر لإصلاح منظومتها التأمينية حيث وصفتها بأنها ذات رؤية مستقبلية لتحقيق التكافل الاجتماعي بين مختلف فئات المجتمع المصري بطريقة فعالة داعية إلى الاسترشاد بها في إصلاح نظم المعاشات بدول العالم.
وأكدت أن النظام الجديد عالج معظم مشاكل وقضايا نظام التأمين الاجتماعي والمعاشات ، مضيفة أن النظام الجديد يهدف للتغلب على المشاكل والتحديات التي تواجه النظام الحالي من خلال تحسين المزايا التأمينية حيث يتمتع المؤمن عليه فور الاشتراك بكافة المزايا التأمينية، فمثلا يسمح القانون الجديد بصرف معاش شهري لأسرة المؤمن عليه في حالة الوفاة أو الإصابة بعجز كلي في بداية الاشتراك على عكس النظام الحالي والذي يشترط خدمة المؤمن عليه على الأقل 10 سنوات للحصول على عاش وفي حالة الوفاة أو الإصابة بعجز كلي قبل تلك المدة يحصل على تعويض من دفعة واحدة فقط.
وبالإضافة إلى ذلك فإن المؤمن عليه يحصل على تعويض نقدي خلال فترة تغيبه عن العمل بسبب الإصابة يمثل نسبة 100% من قيمة متوسط صافي أجر الاشتراك الشهري عن السنتين الأخيرتين قبل حدوث الإصابة وفي حالة الإصابة بعجز يحصل العامل أيضا على معاش الإصابة أو تعويض من دفعة واحدة عن نسبة العجز تحدد قيمته في ضوء نسبة العجز المستديم مع أحقيته في الجمع بين معاش الإصابة وأجره من العمل بدون حدود أو مع معاش الشيخوخة أيضا بدون حدود.
وبحسب المنظمة الدولية فإن النظام الجديد يقوم على أساس إنشاء "الحسابات الشخصية" لكل مؤمن عليه إلى جانب استحداث نظام "الحسابات التكافلية" لمجموع المؤمن عليهم وهو مايعد مفهوما جديدا في نظم إصلاح المعاشات الاجتماعية.
ويضمن النظام الجديد توفير حد أدنى من المزايا التأمينية لجميع المخاطر، مع ربط المزايا المقدمة بالاشتراكات المدفوعة من قبل الأفراد مما يشجع المؤمن عليهم على المزيد من الادخار مع ضمان الخزانة العامة لأرصدة الحسابات الفردية كما تضمن الخزانة العامة حد أدنى للعائد على استثمار الأموال المودعة في الحسابات الشخصية، كذلك يعمل النظام على تخفيض التكاليف ونسب الاشتراك التأميني بالنسبة لذوي الدخول المتوسطة ومنخفضة الدخل.
وبالنسبة لدور الخزانة العامة في ظل النظام التأميني الجديد، أوضح تقرير المنظمة الدولية للضمان الاجتماعي أن دور الدولة سيتحول من دعم جميع المؤمن عليهم، وذلك من خلال تحمل نسبة اشتراك 1% عن كل المؤمن عليهم لدعم تأمين العجز والوفاة وبلوغ سن المعاش في النظام الحالي، إلى دور أكثر فعالية من خلال توفير معاش أساسي لكل مواطن مصري وصل لسن الخامسة والستين وليس له أي مصدر للدخل.
وأضاف أن هذا المعاش يعادل 18% من متوسط الدخل على المستوى القومي، بالإضافة إلى استخدام آلية تساعد في استخدام جزء من قيمة هذا المعاش الأساسي في رفع المعاشات المنخفضة والتي بدأ بالفعل تطبيقها منذ بداية يوليو 2010 وتحملت تكلفتها الخزانة العامة واستفاد منها نحو 48% من مجموع أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم.
وأشار التقرير إلى أن الخزانة العامة تضمن كذلك زيادة سنوية على قيمة إجمالي المعاش المنصرف تساوي معدل التضخم، إلى جانب استحداث نظام المساهمات المشتركة والذي يستهدف جذب العمالة غير الرسمية إلى نظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات حيث تقوم الخزانة العامة بالمساهمة بنسبة من قيمة الاشتراكات التي يسددها العامل خلال العام، وهكذا يتركز دور الخزانة العامة في ظل النظام الجديد على خفض مستوي الفقر بين أصحاب المعاشات.
وأوضح التقرير أنه اعتمد على الاستفادة من الخبرات العالمية في مجال إعادة تصميم وإصلاح نظم التأمينات الاجتماعية والمعاشات، مع مراعاة الطبيعة الخاصة للمجتمع المصري حيث يغطى نفس مجموعة الأخطار التي يغطيها النظام الحالي ولكن بتكلفة أقل، وإدارتها بطريقة فعالة وشفافية أكثر للمتعاملين مع التامينات، مع إيجاد علاقة مباشرة بين الاشتراكات التي يدفعها المؤمن عليهم والمزايا التي يحصلون عليها.
وبالنسبة لأهم التحديات التي تواجه مصر حاليا في تطبيق النظام الجديد، أوضح التقرير أنها تتمثل في ضرورة تطوير واستحداث نظم إدارية وتكنولوجية جديدة، وكذلك تدريب العاملين والقائمين على إدارة وتشغيل نظام التأمينات والمعاشات المصري ليس فقط وإنما تدريب المختصين بشئون التأمينات والمعاشات في الوزارات الحكومية والهيئات العامة والخاصة الأخرى، وكل هذه الامور ستستغرق الكثير من الوقت والجهد.
وقد أوصى التقرير بضرورة الإسراع في تنفيذ نظام التأمينات والمعاشات الجديد والذي يمكنه المساهمة بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري في المرحلة الراهنة.